المجرم والقاتل هو نفسه على مر العصور

سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ.
إنجيل يوحنا (16 :2)

على مر التاريخ و المراحل المختلفة التي مرت على منطقة الشرق الأوسط ،من حروب و تهجير و ولادة أنظمة جديدة و غياب أنظمة أخرى، بقي المسيحيون يجاهدون للبقاء في أرضهم و يناضلون للحفاظ على وجودهم على الرغم من معاملتهم كجاليات في بعض الدول ، و أطلقه عليهم تسمية “المستأمنين” أي طالبي الأمان او الذميين ،على الرغم من أنهم أصحاب الأرض منذ أكثر من ألفي سنة .

أشوريون ، كلدان ، سريان ، أقباط، موارنة، روم كاثوليك و أورثوذكس و غيرهم من الطوائف المسيحية عانوا على مر التاريخ من اضطهادات لم تتوقف حتى يومنا هذا. حروب ، مجازر، تهجير، سبي ، تحليل دماء ، انتقاص حقوق ، تحقير ، إذلال و غيرها من المعانات التي لا تنتهي ف”أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا.
ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ (يوحنا ٨ : ٤٤)”إنه صليب حمله المسيحيون الشرقيون أينما حلوا .

آخر هذه الإعتداءات طالت الأسقف مار ماري عمانؤيل العراقي المشرقي في استراليا.
هذا الكاهن الذي جاهر بمعارضته للظلم و التجاوزات التي تطال أبناء شعبه ، كما يعارض علنًا الأنظمة الدكتاتورية العالمية و مشاريعها ، و هو من المنتقدين الأوائل للفساد الذي يتغلغل في الجسم الكنسي العالمي و المشرقي .

محاولة إغتيال الأسقف مار ماري عمانوئيل بأستراليا تعيد للأذهان محاولة إغتيال بابا روما يوحنا بولس الثاني عام ١٩٨١ في ١٣ أيار .

إنه نفس الفكر التكفيري لم يتغير ، و إنها نفس العناية الإلهية التي لم تبعد يدها عن حمايتنا. أصيب البابا وقتها بأربع طلقات نارية و نجا كما أصيب الأسقف مار ماري بأربع طعنات و نجا .”لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الْمُمْسِكُ بِيَمِينِكَ، الْقَائِلُ لَكَ: لاَ تَخَفْ. أَنَا أُعِينُكَ.” (إش 41: 13)
«لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ.” (مز 91: 14-15)

في وقتها طالب البابا بالصلاة من أجل الجاني و العفو عنه كما طالب الأسقف بالصلاة من أجل الجاني و العفو عنه، كيف لا و ديننا هو دين التسامح و المحبة .

لكن الجاني واحد و المعتدي واحد و الظالم واحد . إنه نفس الفكر التكفيري الإجرامي يطارد أبناء الله الأمناء أينما حلّوا .

إنه نفس الإضطهاد على مر العصور . نحن نعلم أنه كتب علينا النضال و التحمل من أجل كلمة الله و من أجل الحفاظ على شريعتنا و تقاليدنا ” (يو 15: 20): اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبد أعظم من سيده إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم ” . هذا كلام الله لنا و هذا ما نحن ثابتون فيه و من أجله.


نشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه قد تم بيعنا بأرخص الأثمان من الذين كان عليهم أن يحافظوا على ما تبقى من بيتنا. تم بيعنا كما بيع “النبي يوسف ” من قبل أخوته التي كانت مهمتهم الوحيدة أن يحافظوا على سلامته و أمانه.
تم بيعنا من قبل أصحاب الشأن و المسؤولية .
تم بيعنا من خدام الهيكل، هذا الهيكل الذي إذا انهار لن يبقي على رأس أحد .
تم بيعنا من منافقي أهل بيتنا

والمسؤول الذي يتقاعس عن حماية أهله ومجتمعه فهو تماماً لا بل اكثر شراً وضرراً علينا من الذين يقتلوننا ويضطهدون شعبنا

فاحذروا المنافق فهو يأكل مع الذئب وينبح مع الكلب ويبكي مع الراعي!

و في الختام نقول للجميع اننا ابناء قيامة ، نقتل وندفن ونقوم في اليوم الثالث ، أمين

الاخ القائد نمر حداد