تذكار عجيبة أيقونة والدة الإله (الفلاديمريّة)

عام 1521، قاد الخان كازان محمد غيريّا، جيشاً عظيماً ومعه تتر القرم ونوغاي وكازان وأغار بهم على تخوم موسكو. هؤلاء أعاثوا فساداً وقتلاً في عدد من القرى المحيطة بموسكو، فالتجأ النّاس إلى الكرملين. وكانت الصّلاة قائمة ليل نهار بكثير من الدّموع. وفي منتصف الليل صلّى أحد السّذّج السّلماء باسيليوس باكياً عند باب كنيسة رقاد السّيّدة، فقُطعت صلاته بغتةً وخُيّل إليه أنّ الباب يُفتح بقوة خفية وأيقونة والدة الإله العجائبية تخرج من مكانها وسُمع صوت منها قائلاً: “إنّي أخرج من المدينة مع الأساقفة الروسيّين القدّيسين”. وامتلأت الكنيسة كلّها لهيباً توارى في لحظة. وفي تلك الليلة أيضاً رأت إحدى الراهبات، وهي عجوز عمياء، في صومعتها في دير فوزْنيسينسكي أن جوقةً كاملةً من رؤساء الكهنة القدّيسين الّذين عاشوا في القرون الماضية وغيرهم من رجال النّور البهي يخرجون من الكرملين ذاهبين بباب سْياسْكي في ثياب مقدسة وفي وسطهم أيقونة والدة الإله العجائبية. إلاّ أنّهم ما كادوا يخرجون من باب فْلوروف حتّى لاقاهم القدّيس سرجيوس رادونيج والقديس برلعام الّذي من خوتينسكي وسقطا على أقدام الأساقفة القديسن وسألاهم:”أين تذهبون وعلى من تتركون المدينة؟” فأجابهم الأساقفة القديسون باكين:”إنّنا صلينا كثيراً إلى الله الكليّ الرّحمة وإلى والدة الإله الفائقة القداسة لأجل الخلاص من الحزن المتوقّع. إلاّ أنّ الرّبّ لم يأمرنا بالخروج وحدنا من المدينة بل بأن ننقل أيقونة أمّه الفائقة النّقاء العجائبية، لأنّ النّاس ازدروا خوف الله واغفلوا وصاياه فسمح للبرابرة بأن يهاجموكم. فليعاقِب إذن النّاس أنفسهم الأن ويتوبوا إلى الله”.

وأخذ القدّيسان المجاهدان سرجيوس وبرلعام يستعطفان الأساقفة القديسين ليسترحموا بشفاعتهم دينونة الله العادلة وشرعا يبتهلان معهم إلى الرّبّ وإلى أمّه الفائقة النقاء. حينئذ رسم الأساقفة القدّيسون على المدينة علامة الصّليب وعادت أيقونة أمّ الإله إلى كنيسة الرّقاد. أسرعت الرّاهبة وروت الرؤية للشعب الرّوسي الّذي تجمّع في كنيسة الرّقاد وأقام صلاةً حارة. فأُنقذت موسكو والرّوسية كلّها بشفاعتها. وإنّ المؤرخين يخبرون بأنّ التتر همّوا بأن يحرقوا ضواحي موسكو إلاّ أنهم رأوا بغتةً حولها جيشاً كبيراً جراراً فأنبؤوا به عاهلهم الغازي هلعين فلم يصدق. وأرسل رجالاً غيرهم ليتحققوا الأمر فرأى هؤلاء أيضاً الجيش الرّوسي الجرار وأخبروه عنه فأرسل رجلاً آخر من أقاربه فرأى هذا أيضاً وارتعد وبادر إليه صارخاً: “لماذا تتباطأ أيّها الملك فلنسرعنّ في الهرب لأنّ جيشاً كثيفاً لا حدّ له آتٍ إلينا من موسكو!؟”…

هكذا ولّوا الأدبار هاربين. تذكار هذه العجيبة يحتفل به في موسكو في تطوافٍ من كنيسة رقاد والدة الإله إلى دير ستريتاسكي في 21 أيار.

   في ذكرى هذا الإنقاذ ترتل الكنيسة لوالدة الإله:

   "اليوم تتجمل ببهاء موسكو المدينة المجيدة لأنّها أيّتها السّيّدة قبلت أيقونتك العجائبية كضياء الشمس. فإليها نتبادر الآن ونضرع إليك صارخي: أيّتها السّيّدة والدة الإله العجيبة توسلي إلى المسيح إلهنا المتجسد منك لكي يخلّص هذه المدينة وجميع المدن والبلدان المسيحيّة ويحفظها غير مضيرة من جميع الغارات العدائية وينقذ نفوسنا لأنه الرّاحم المتحنن".