أجرى البابا فرنسيس الجمعة ٢٥ آب أغسطس اتصالا عبر الشبكة مع شباب روسيا الكاثوليك خلال لقائهم العاشر في سان بطرسبورغ، وتأمل معهم في عدد من الأفكار داعيا إياهم إلى أن يكونوا صانعي سلام في زمن النزاعات والاستقطاب هذا.
يُختتم اليوم ٢٧ آب أغسطس في سان بطرسبورغ اللقاء العاشر للشباب الكاثوليك في روسيا والذي بدأ في ٢٣ من الشهر. وفي الجمعة ٢٥ آب أغسطس وجه البابا فرنسيس كلمة إلى المشاركين في هذا اللقاء عبر اتصال فيديو تحدث في بدايته عن الاحتفال ثلاثة أسابيع مضت باليوم العالمي للشباب في البرتغال بمشاركة شباب من جميع أنحاء العالم، ثم اعرب عن فرحه الكبير بأن يكون اليوم مع شباب روسيا الكاثوليك لتقاسُم لحظة الإيمان والرجاء هذه.
وانطلاقا من موضوع اليوم العالمي للشباب “قامت مريم ومضت مسرعة” أراد البابا فرنسيس أن يطرح على الشباب ثلاث أفكار يمكنهم التأمل فيها داخليا ومعا كلٌّ انطلاقا من خبراته. الفكرة الأولى هي أن الله يدعونا إلى الخروج والسير، قال البابا للشباب مشيرا إلى أن كلا منهم هو مدعو من الله مثل مريم، فقد اختارنا الله جميعا ودعانا. وحث الأب الأقدس كل شاب وشابة على التساؤل حول هذا أي إن كان بالفعل قد اختير ودُعي، وأجاب قداسته: نعم لقد دعاكم الله منذ بداي حياتكم، لقد دعاكم باسمكم. وتابع أن الله يدعونا واحدا واحدا. وواصل البابا فرنسيس متحدثا عن مريم واليصابات فقال إنهما قد أصبحتا شاهدتين لقوة الله المحوِّلة، وأضاف أن خبرة مَحبة الله الفائضة لا يمكن إلا أن تُتقاسَم، ولهذا قامت مريم ومضت مسرعة، قال البابا فرنسيس مضيفا أننا وحين يدعونا الله لا يمكننا أن نبقى جالسين بل علينا أن نقوم ونمضي مسرعين، وذلك لأن العالم، الأخ، المتألم، من هو بجانبنا ولا يعرف رجاء الله هو في حاجة إلى أن يتلقى هذا الرجاء، أن يتلقى فرح الله.
الفكرة الثانية التي طرحها البابا فرنسيس في حديثه إلى الشباب الكاثوليك في روسيا هي أن محبة الله هي للجميع وأن الكنيسة هي للجميع. وقال في هذا السياق إن محبة الله تتميز بالضيافة، فهو يستقبل دائما ويخلق الفسحات كي نجد جميعا مكانا، ويضحي بذاته من أجل الآخر وهو متنبه إلى احتياجات الآخر. وذكّر الأب الأقدس هنا بأن مريم قد ظلت مع اليصابات ثلاثة أشهر لتساعدها في احتياجاتها، وأضاف أن المرأتين قد خلقتا الفسحة لحياتين تولدان، حياتَي يوحنا ويسوع، إلا أنهما يوفران الفسحة إحداهما للأخرى أيضا. وواصل البابا فرنسيس حديثه مشيرا إلى كون الكنيسة أُمًا منفتحة القلب قادرة على الاستقبال، وخاصة استقبال مَن هم في حاجة إلى عناية أكبر، الكنيسة هي أم مُحبة وذلك لأنها بيت المحبوب والمدعو. وشدد قداسته في هذا السياق على ضرورة أن تكون الكنيسة مفتوحة للجميع.
وفي حديثه عن الفكرة الثالثة توقف البابا فرنسيس عند ضرورة انفتاح الشباب والمسنين أحدهم إزاء الآخر. وقال قداسته إن الشباب حين يلتقون المسنين يمكنهم تَلَقي غنى خبراتهم وحياتهم، بينما يجد المسنون خلال لقائهم الشباب وعد مستقبل مفعم بالرجاء. ودعا البابا بالتالي الشباب إلى الحوار مع الأجداد والإصغاء إليهم، وتوقف في هذا السياق عند الحلم مؤكدا أن الجميع يحلمون، الشباب والمسنون، وأضاف أن القدرة على الحلم هي ما يحافظ على وحدة الأجيال، وذكَّر هنا بكلمات النبي يوئيل “ويحلم شيوخكم أحلاما ويرى شبانكم رؤى”. وتحدث البابا عن أن المسنين يحلمون بأشياء كثيرة مثل الديمقراطية ووحدة الأمم بينما الشباب هم مدعوون إلى أن يكونوا صانعي سلام ومحافظين على البيئة.
وبعد الإشارة إلى هذه الأفكار الثلاث دعا البابا فرنسيس الشباب إلى أن يكونوا بناة جسور بين الأجيال مشددا على أهمية التحالف بين الشباب والمسنين. ثم تابع الأب الأقدس راجيا لشباب روسيا دعوة أن يكونوا صانعي سلام وسط النزاعات والاستقطاب التي تضرب عالمنا، وأن يزرعوا بذور المصالحة، بذورا صغيرة في شتاء الحرب هذا ستُزهر في ربيع مستقبلي، قال قداسته. شجع البابا بعد ذلك الشباب على أن يستبدلوا المخاوف بالأحلام.
وفي ختام حديثه إلى شباب روسيا الكاثوليك المجتمعين في لقائهم العاشر في سان بطرسبورع شكر البابا فرنسيس الحضور على ما كرسوا له من وقت وما قدموا من شهادات، ثم دعاهم إلى النظر إلى مريم وإلى أن يجدوا الرب ويشعروا به في قلوبهم، وأن يحملوه مسرعين إلى البعيدين، من هم في حاجة إليه. وواصل البابا داعيا إياهم إلى أن يكونوا علامة رجاء وسلام وفرح مثل مريم، مضيفا أنهم هم أيضا بإمكانهم أن يغيروا التاريخ الذي يعيشون فيه.