صوموا واختبروا حقيقة الحياة

( رسالة الرب يسوع إلى إحدى النفوس المختارة، لبنان، في ٧ آذار ٢٠٢٣)

أحبّاء قلبي،
ثقوا أنّني تجسّدت، واحتملت بجسدي كلّ الآلام والجراح حتى الموت، ليتمّ خلاصكم. وأنتم أيضاً لتكن أجسادكم محور خلاصكم. هذا الجسد يجب أن يكون سبب خلاصكم، لا بل سبب قداستكم. وإما أن يكون سبب لهلاككم.

أنتم اليوم في زمن الصوم المبارك، رغم كلّ ما تعيشوه من ضيق ومآسي وأيام صعبة. إنّه زمن النعمة والنور. عيشوا هذه المرحلة بإيمان وعمق روحيّ، وبخطوات ثابتة، وإرادة صلبة نحو النصيب الأفضل.
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله.

الصوم يا أحبّائي، هو الترفّع عن عالم الفناء، والإرتقاء إلى عالم الخلود. صوموا واختبروا حقيقة الحياة في هذا الطريق المؤدّي إلى الكنز الباقي إلى الأبد.
عيشوا كلمة الحقّ بصدق وأمانة، واذكروا أن نفوسكم من الله وإلى الله تعود. وأجسادكم من التراب وإلى التراب تعود.
لذلك أدعوكم لتسلكوا بحسب الروح، لا بحسب الجسد. من حرمان الجسد، تغتني النفس بالنعمة والنور. ومن عطش الجسد، ترتوي النفس بماء الحياة الأبديّة. ومن جوع الجسد، تشبع النفس من مائدة الملكوت. ومن لَجَمَ شهوات جسده، رَفَعَ نفسه إلى درجات البرّ.

لذلك يا أحبّائي، أدعوكم إلى الصوم، لتكون نفوسكم بالنقاء والصفاء.
بالصوم يندحر الشرّير وتُبطَل كلّ أعماله. كونوا أقوياء وأبطال بالنعمة والإيمان، ولا تدعوا أموراً صغيرة وفانية، تتحكّم بكم وبأجسادكم، وتكسر نفوسكم.
عندما تقرّرون السيطرة على رغباتكم، ستتخطّون الإنصياع للجسد وشهواته، وهذه هي طريق خلاصكم.

صوموا وتوبوا من أعماق قلوبكم دون تذمّر، ودون تأفّف، وبوجوه فرحة ومبتسمة.
عيشوا التقشّف، عيشوا التخلّي، وتأمّلوا بعالم الروح وعظمته.

أحبّائي، ثقوا أنّ كنزكم الحقيقي هو صيامكم، وأعمالكم الخيّرة، وإيماتاتكم وتوبتكم، وكلّ عمل حبّ وعطاء، وكلّ صلاة نابعة من القلب، وكلّ ما تفعلوه بمحبة لنفوسكم وللآخرين.
هنيئاً لكم بهذا الكنز الذي لا يفنى. لا تستهينوا بصومكم.
الصوم، يقيّد الشرير ويدمّره.
الصوم، يهذّب النفس ويقوّي الإيمان.
الصوم، يخرجكم من ضجيج العالم، ويُدخلكم إلى سكينة الروح.
الصوم، يبني الحقّ ويهدم الباطل.
وفي هذه الأيّام الصعبة، ما أحوج البشريّة للصوم والصلاة والتوبة، للخروج من النفق المظلم والإفلات من عبودية الشرّ والأشرار.

صلّوا، وصوموا، وسلّموا حياتكم بين يديّ، ولا تخافوا ولا تقلقوا .
صلّوا من أجل وطنكم، ومن أجل العالم أجمع، ومن أجل الكنيسة، ليشرق النور ويعمّ السلام.

أثبتوا بإيمانكم ولا تقلقوا، أنا معكم إلى انقضاء الدهر.